تمهيد
يعد الخطأ البشري وراد الحدوث في كافة الأعمال، لكن يختلف مدى تأثيره من مجال لآخر، ففي المجال الطبي تكون له أهمية خاصة، وأي نسبة خطأ به غير مقبولة لكون هذا المجال يتعلق بحياة الإنسان وصحته، لذا يتطلب تهيئة بيئة وطاقم طبي على درجة عالية من الكفاءة وسن تشريعات تعاقب المخطئين.
رغم وجود تشريعات تنظم وتحمل الأطباء مسؤولية أخطائهم المهنية في القانون الكويتي إلا أن ذلك لم يحقق النتائج المرجوة، ويؤكد ذلك ما صرح به مدير إدارة الطب الشرعي بأن الإدارة العامة للأدلة الجنائية تنظر حوالي 450 قضية خطأ طبي شهريًا، مشيرًا إلى أن معدل تلك القضايا ارتفع 900% خلال 13 عاما([1]).
ويعجز القانون عن حماية الضحايا الذين وقعوا ضحية التشخيص الطبي الخاطئ، وكذلك عن ردع المخطئين؛ وذلك لأن نصوصه تحتوي على عقوبات غير صارمة، أو لصعوبة إثبات خطأ الطبيب، أو لعدم وجود تشريع مناسب كفيل بتعويض الضحايا تعويضًا مرضيًا عما ألم بهم من أضرار، مع الوضع في الاعتبار أن هناك بعض الأخطاء الطبية تحدث بسبب المرضى أنفسهم.
يتناول هذا البحث تعريف الخطأ الطبي وأنواعه وأسباب حدوثه، ثم مبررات الأطباء التي تسببت في هذه الأخطاء، والقوانين المنظمة لمسؤولية الطبيب عن خطئه في القانون الكويتي، وأخيرًا بعض الاقتراحات التشريعية التي نراها كفيلة بالحد من مشكلة الأخطاء الطبية.
وتنقسم الأخطاء الطبية بصفة عامة إلى الخطأ الطبي المرفقي والخطأ الطبي الشخصي([2])، على التفصيل الآتي بيانه:
هو الذي يكون نتيجة قصور في المرفق الطبي سواء أكان هذا المرفق عامًا أو خاصًا (مستشفى خاص، عيادة خاصة)، فعدم وجود أجهزة أو أدوية مهمة وحيوية يفترض توافرها في كل مرفق صحي، أو عدم توافر أطباء طوارئ للتعامل مع الحوادث والحالات الحرجة إلى غير ذلك من المخالفات تؤدي إلى إلحاق الضرر بالمريض.
هو الذي يتسبب به الطبيب أو أحد أفراد الطاقم الطبي ويترتب عليه أضرار للمريض، سواء أكان ذلك راجعًا إلى إهمال أو إلى جهل بالأمور الفنية المفترض أن يعلمها طبيب في مثل درجته العلمية والوظيفية، أو إلى إجراء أجرى تجارب غير معتمدة علميًّا على المرضى. ويندرج هذا الخطأ –باعتبار آخر- تحت بند “الخطأ العلمي” الذي سيأتي تعريفه لاحقًا.
وتنقسم الأخطاء-من حيثية أخرى- في المجال الطبي إلى مادية وفنية وعملية، كالتالي:
هو المتعلق بعدم الالتزام بالحيطة والحذر أثناء أداء الواجب المهني تجاه المريض، ومن الأمثلة على الأخطاء المادية إجراء الطبيب عملية جراحية باستخدام أدوات غير معقمة، مما يعرض حياة المريض للخطر.
هو الخطأ المتعلق بأساسيات المهنة، وينتج الخطأ الفني عادة إما بسبب الجهل بالأصول الطبية أو عدم تطبيقها بالشكل السليم، ومن الأمثلة على الخطأ الفني وصف الطبيب دواءً يسبب الحساسية للمريض.
هو ذلك الخطأ الذي يقع من جانب الطبيب بالرغم من اتخاذه كافة وسائل الحيطة والحذر واستخدامه كافة الوسائل العلمية المتاحة في الفحص، ويقع غالبًا في التشخيص.
أسباب حدوث الأخطاء الطبية([5])
يرجع حدوث الأخطاء الطبية إلى عدة أسباب، منها عدم المعرفة، أو عدم اتخاذ الحيطة والحذر، ومنها ما يرجع إلى الإهمال، وقد تحدث بسبب عدم مراعاة النظم والقوانين واللوائح والقرارات، ونقص التدريب والمعلومات الطبية الضرورية للطبيب والإجهاد الزائد وكثرة العمل.
صور الخطأ الطبي الشخصي([6])
تتعد صور الخطأ الطبي الشخصي، ومنها:
يقع في مرحلة فحص المريض ويرجع إلى الإهمال أو الخطأ العلمي من جانب الطبيب المعالج، ويترتب على ذلك أن جميع المراحل اللاحقة على هذه المرحلة تكون خاطئة وقد تؤدي إلى وفاة المريض([7]).
وهو الخطأ في وصف دواء أو استعمال طريقة علاج خاطئة، ويتسبب ذلك في حدوث ضرر للمريض سواء كان مرجع ذلك إلى عدم اتباع الطبيب الأصول العلمية السائدة أو إلى عدم التزامه بقواعد الحيطة والحذر الواجبة([8]).
وتعد الأخطاء الدوائية هي أكثر الأخطاء شيوعًا، ولا تقتصر فقط على إعطاء دواء خاطئ للمريض بل وتشمل أيضًا الجرعات غير الصحيحة، وعدم التحقق من التفاعلات الدوائية([9]).
وهو الذي يقع من الطبيب في حالة إخلاله ببعض الالتزامات المتعلقة بإجراء العملية الجراحية، سواء أكانت قبل أو أثناء أو بعد إجرائها، كالتزامه بأخذ موافقة المريض على إجراء العملية، والتزامه بالفحص والأشعة والتشخيص الصحيح، والتزامه بأقصى درجات اليقظة عند إجراء العملية وبذل العناية المعتادة، والتزامه بالإشراف والوقاية بعد إجرائها([10]).
وهي الأخطاء التي تحدث في مجال التخدير إما نتيجة لعدم المعرفة العلمية الكاملة لطبيب التخدير في مجاله، وإما نتيجة الاستعانة بأشخاص غير مؤهلين لذلك للقيام بعملية التخدير([11]).
تقع من الطبيب أو فني الأشعة نتيجة الإخلال بأحد الالتزامات الواجب توافرها عند إجراء الأشعة، سواء المتعلقة بسلامة الأجهزة المستخدمة أو غير ذلك من الالتزامات التي تلحق ضررًا بالمريض في حالة الإخلال بها.
وهي الأخطاء التي تقع من الطبيب على الحامل منذ لحظة ثبوت الحمل وحتى إجرائه لعملية الولادة وبعدها حتى الاطمئنان عليها وعلى وليدها. وإن إخلال بأي التزام خلال تلك المراحل يتسبب في حدوث ضرر لهما، ويكون الطبيب مسؤولًا عن ذلك الضرر بمقداره.
يبرر الأطباء في الكويت وقوع الأخطاء الطبية لعدة أسباب من بينها أسباب ليس لها علاقة بمهنة الطب، كالآثار الجانبية لبعض الأدوية والأدوات الأولية للعمليات الجراحية كالمخدر وتأثيره على حاملي بعض الأمراض على سبيل المثال، وإن كان لا بدَّ من استخدامه في بعض العمليات أو الجراحات.
وهذا المبرر غير مقبول، فيتوجب على الطبيب الإحاطة بالآثار الجانبية للأدوية، والتي يمكنه الاطلاع عليها في من خلال سؤال المختصين في هذا أو من خلال شبكة الإنترنت.
وأرجع البعض منهم وقوع بعض الأخطاء الطبية إلى عدم حصول الطبيب في بعض التخصصات على القسط المطلوب من الراحة. وهو مبرر يجب دراسته ومعالجته بعناية، فيجب أن يحصل الطبيب على القسط الكافي من الراحة حتى يتمكن من التشخيص السليم وتجنب الخطأ بقدر الإمكان، وذلك لن يتأتى إلا بتعويض النقص الحاصل في أفراد الهيئة الطبية بإمدادها بالعناصر اللازمة.
وأرجع كثير من الأطباء الأخطاء الطبية إلى الأطباء أو فئة التمريض من الوافدين، حيث لا توجد ضوابط أو اشتراطات كفيلة باستقدام أفضل الكفاءات الطبية مما يؤدى إلى استقدام المبتدئين أو من ليس لديهم الخبرة الكافية للعمل في المجال الطبي، وفي هذه الحالة يجب وضع كافة الضوابط التي تضمن استقدام أفضل الكفاءات الطببية.
كما أرجع الأطباء بعض الأخطاء الطبية إلى المرضى أنفسهم، فمثلا بعض المرضى تكون لديهم عدة شكاوى في الوقت نفسه، وعند زيارتهم للطبيب يبدؤون بسرد كل الشكاوى التي يعانون منها، مما يأخذ أكثر من حيز الوقت المسموح به للاستشارة؛ لذا يجب على الطبيب الاستماع بعناية إلى كل ما يعانيه المريض مع وضع ضوابط تحول دون استهلاك المريض لوقت الطيب فيما لا يفيد.
وبعض ما ذهب إليه الأطباء في هذا السياق هو أن بعض المرضى لا يكونون صرحاء بالقدر الكافي مع الطبيب الذي يعالجهم حتى من دون قصد، فيخفون بعض الأمور الجوهرية المتعلقة بهم والمؤثرة في علاجهم، كسابقة إصابتهم بأمراض معينة أو تعاطيهم لأدوية معينة أو أن لديهم حساسية تجاه بعض الأدوية.
وإن إخفاء أي معلومة من جانب المريض حتى لو كانت بسيطة ممكن أن تهدد حياته، ولكن يجب على الطبيب أن يستفسر من المريض عن كل ما يؤثر في علاجه دون انتظار أن يبوح به المريض من تلقاء نفسه.
وأخيرًا يذهب بعض الأطباء إلى عدم وجود ثقافة لدى المجتمع الكويتي بشأن الفرق بين الخطأ الطبي والمضاعفات الطبية، فأغلب الأخطاء في المستشفيات هي مضاعفات طبية وليست أخطاء، لذا يتوجب نشر الثقافة الطبية بوجه عام لدى أفراد المجتمع.
يجب أن يكون عمل الطبيب مطابقًا للأصول العلمية والعملية حتى يكون مباحًا ، فإذا خالف هذه الأصول وتسبب في إحداث ضرر للمريض وقعت عليه مسؤولية تأديبية ومدنية وجنائية أيا كانت درجة جسامة الخطأ أو نوعه([12]).
ومهارة الطبيب وحدها ليست كافية، فيجب أن يصاحبها بذل العناية المعتادة من أمثاله عند فحص المريض وعند علاجه، فإن قصر في ذلك فهو ضامن لأي ضرر ينتج عنه. وترتبط أحيانًا معايير الخطأ بتقدير سلوك الطبيب وإمكاناته ومستواه وسيرته المهنية في مسؤوليته عن خطأه الطبي.
وقد استقر الفقه و القضاء على تحديد مسؤولية الطبيب عن خطأه الفني أيًا كان نوعه أو درجة جسامته، ولكن بشرط أن يكون هذا الخطأ ثابتًا ثبوتًا كافيًا في حقه، وللقاضى في سبيل التحقق من ذلك أن يستعين برأي الخبراء الفنيين، وقد اشترط القضاء كون الخطأ الطبي محققًا ومميزًا حتى تنعقد مسؤولية الطبيب عنه([13]).
وبسبب عدم وجود قانون متخصص لتنظيم مسألة الأخطاء الطبية في الكويت يتم حاليًا الاستعانة بثلاثة قوانين لمواجهتها، وهي قانون مزاولة مهنة الطب، والقانون الجزائي، والقانون المدني، نستعرضها على النحو التالي:
تنص المادة (4) من القانون رقم 25 لسنة 1981 بشأن مزاولة مهنة الطب البشري وطب الأسنان والمهن المعاونة لهما على أنه
“يجب على كل طبيب رخص له مزاولة مهنة الطب في الكويت أن يتوخى في أداء عمله المحافظة على صحة الإنسان، وعليه تسخير كل معلوماته وضميره وما تقتضيه آداب المهنة لبلوغ هذا الهدف، وأن يطلب المشورة المناسبة إذا دعت الضرورة إلى ذلك”.
فمن نص هذه المادة يتضح وقوع التزام على عاتق الطبيب بالمحافظة على صحة المريض، ويفهم ضمنًا منها أنه يتوجب عليه فعل كل ما بوسعه لتحقيق ذلك، حتى وإن اضطر إلى الاستعانة برأي غيره من المتخصصين.
كما نصت المادة (13) من القانون ذاته على أنه
“لا يكون الطبيب مسؤولًا عن الحالة التي يصل إليها المريض إذا تبين أنه بذل العناية اللازمة ولجأ إلى جميع الوسائل التي يستطيعها من كان في مثل ظروفه لتشخيص المرض والعلاج، ومع ذلك يكون مسؤولًا في الحالتين الآتيتين:
أ- إذا ارتكب خطأ نتيجة الجهل بأمور فنية يفترض في كل طبيب الإلمام بها، سواء من حيث تشخيص المرض أو وصف العلاج المناسب، وترتب على هذا الخطأ الإضرار بالمريض .
ب- إذا أجرى تجارب أو أبحاثًا علمية غير معتمدة فنيًا على مرضاه وترتب ذلك الإضرار بهم” .
أما بالنسبة للمسؤولية الجزائية للطبيب عن الخطأ الطبي فتتم مواجهته وفقًا لثلاث مواد من قانون الجزاء الكويتي رقم 16 لسنة 1960، وهي: المواد أرقام 154، 164، 168.
فتواجه المادة 154 منه حالة وفاة المريض نتيجة خطأ الطيب، حيث نصت على أنه “من قتل نفسًا خطأ أو تسبب في قتلها من غير قصد بأن كان ذلك ناشئًا عن رعونة أو تفريط أو إهمال أو عدم انتباه أو عدم مراعاة للوائح، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات وبغرامة لا تجاوز ثلاثة آلاف روبية أو بإحدى هاتين العقوبتين”.
وتواجه المادة 164 منه حالة تعرض المريض لأذى أو جرح نتيجة خطأ طبي، حيث نصت على أنه “كل من تسبب في جرح أحد أو إلحاق أذى محسوس به من غير قصد، بأن كان ذلك ناشئًا عن رعونة أو تفريط أو إهمال أو عدم انتباه أو عدم مراعاة للوائح، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة واحدة وبغرامة لا تجاوز ألف روبية أو بإحدى هاتين العقوبتين”.
وقد أحالت إليهما المادة رقم 168 منه، والتي نصت على أن “كل شخص تعهد -في غير الحالات الاضطرارية- بإجراء عملية جراحية لشخص آخر أو بعلاجه أو بالقيام بعمل مشروع ينطوي على خطر يهدد الحياة أو الصحة، ولم يكن عنده القدر الواجب من الخبرة الفنية، أو لم يبذل العناية الواجبة في القيام بعمله، وترتب على ذلك وفاة المجني عليه أو إصابته بأذى، يعاقب وفقًا للأحكام المبينة في المادتين 154، 164”.
ونلاحظ هنا أن نصوص القانون الجزائي الكويتي التي تحكم مسؤولية الطبيب عن خطأه الطبي ليست رادعة بالقدر الكافي بجعلها عقوبة الحبس اختيارية للقاضي حتى في حالة القتل الخطأ، فضلًا عن أن بعض الأخطاء غير المتعمدة قد تكون على درجة من الجسامة توصلها إلى درجة العمد، ويجب أن تعامل جنائيًا معاملة الخطأ العمدي.
كما أن نصوص القانون الجزائي الكويتي التي تحكم مسؤولية الطبيب عن خطأه الطبي لا تمتد إلى بقية أفراد الطاقم الطبي الذي قد يتسبب أي منهم في وفاة المريض أو إيذائه، حيث يفهم ضمنًا منها أن المقصود هو الطبيب وحده دون سواه.
وقد واجه القانون المدني الكويتي مسؤولية الطيب عن خطأه الطبي في خمس مواد منه، و هي المواد أرقام 227 ، 231 ، 240 ، 250 ، 251.
حيث وضعت المواد الأولى الثلاثة منها أساس مسؤولية الطبيب والمرفق الطبي عن الخطأ الطبي الذي نتج عنه ضرر للمريض وأنواع الضرر والمستحقين للتعويض عنه، حيث نصت المادة 227على أنه “1- كل من أحدث بفعله الخاطئ ضررًا بغيره يلتزم بتعويضه، سواء أكان في إحداثه الضرر مباشرًا أو متسببًا. 2- ويلتزم الشخص بتعويض الضرر الناشئ عن فعله الخاطئ ولو كان غير مميز”.
ونصت المادة 231 على أنه”1- يتناول التعويض عن العمل غير المشروع الضرر ولو كان أدبيًا. 2- ويشمل الضرر الأدبي على الأخص ما يلحق الشخص من أذى حسي أو نفسي، نتيجة المساس بحياته أو بجسمه أو بحريته أو بعرضه أو بشرفه أو بسمعته أو بمركزه الاجتماعي أو الأدبي أو باعتباره المالي، كما يشمل الضرر الأدبي كذلك ما يستشعره الشخص من الحزن والأسى وما يفتقده من عاطفة الحب والحنان نتيجة موت عزيز عليه. 3- ومع ذلك لا يجوز الحكم بالتعويض عن الضرر الأدبي الناشئ عن الوفاة إلا للأزواج والأقارب إلى الدرجة الثانية”.
كما نصت المادة 240 على أنه “1- يكون المتبوع مسؤولًا في مواجهة المضرور عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع، متى كان واقعًا منه في أداء وظيفته أو بسببها. 2- وتقوم رابطة التبعية ولو لم يكن المتبوع حرًا في اختيار تابعه متى كان من شأن المهمة المكلف بها التابع أن تثبت للمتبوع سلطة فعلية في رقابته وتوجيهه”.
وبينت المادتين الأخيرتين مقدار الدية والمستحقين لها وكيفية توزيعها، حيث نصت المادة 250 على أنه
“إذا استحقت الدية عن فقد النفس يتقاسمها الورثة وفقًا للأنصبة الشرعية”.
كما نصت المادة 251 على أنه “1- تقدر الدية الكاملة بعشرة آلاف دينار، ويجوز تعديل مقدارها بمرسوم. 2-ويصدر بمرسوم جدول للديات وفق أحكام الشريعة الإسلامية، تتحدد بمقتضاه حالات استحقاق الدية كليًا أو جزئيًا”.
كل ذلك مشروط بإثبات الخطأ في حق الطبيب من جانب المريض أو ذويه أو من ينوب عنه، وإن يحدث ضرر للمريض تنعقد بينه وبين خطأ الطبيب علاقة سببية، فإذا تحقق ذلك انعقدت مسؤولية الطبيب عن ذلك الضرر والتزم بضمان ما تسبب فيه من ضرر للمريض بسبب خطأه أو إهماله أو تقصيره([14]).
في حالة حدوث خطأ طبي يتم تقديم شكوى من قبل المريض، وتشكل لجنة من داخل المستشفى لبحث الخطأ الطبي، ثم لجنة من وزارة الصحة، وبعد ذلك يتم تشكيل لجنة أكبر من كلية الطب بالتعاون مع وزارة الصحة يكون فيها أطباء من الجامعة.
والملاحظ هنا أنه لا توجد ضوابط تضمن حياد أي من اللجان المشكلة للتحقيق في حالة وقوع الخطأ الطبي.
وتجدر الإشارة إلى أنه من الصعوبة بمكان إثبات الخطأ الطبي بسبب نقص وندرة المتخصصين في تحليل الأخطاء الطبية، كما أن هناك سببًا آخر يكمن في تعدد عناصر الخدمة الصحية، مثل: الأشعة، والتحاليل، والأدوية، والعمليات الجراحية، والتمريض، والطب وغيرها الكثير، وصعوبة تحديد من تسبب في الخطأ الطبي، إلى جانب وجود الواسطات والمجاملات والمحاباة من داخل المهنة([16]).
لذلك يجب أن يكون نظام الإبلاغ عن الأخطاء الطبية متاحًا بسهولة مع معلومات واضحة حول كيفية الإبلاغ([17]).
بعد أن استعرضنا الأخطاء الطبية من حيث مفهومها وأنواعها وأسباب حدوثها وصورها ومبررات الأطباء لوقوعها و مسؤولياتهم عنها في حالة حدوثها سواء تأديبيًا أو جنائيًا أو مدنيًا، انتهينا إلى عدة نتائج أشرنا إلى بعضها خلال الدراسة، ونوجزها فيما يلي: